منتديات العترة النبوية الطاهرة عليهم السلام
منتديات العترة النبوية الطاهرة عليهم السلام
منتديات العترة النبوية الطاهرة عليهم السلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات العترة النبوية الطاهرة عليهم السلام

منتديات العترة النبوية الطاهرة عليهم السلام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
اهلا بكم في منتديات العترة النبوية الطاهرة عليهم السلام لمراسلة الشيخ حسن الشكري مباشرة على الاميل hussain_415@yahoo.com او على هذا الايميل www.hussain1988@hotmail.com او على عنوانا على الفيس بوك https://www.facebook.com/profile.php?id=100002504815800&ref=tn_tnmn

 

 الخلافة من ضروريات المجتمع الإسلامي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشيخ حسن الشكري
صاحب المنتدى
الشيخ حسن الشكري


عدد المساهمات : 99
السٌّمعَة : 3
تاريخ التسجيل : 07/12/2009
العمر : 45

الخلافة من ضروريات المجتمع الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: الخلافة من ضروريات المجتمع الإسلامي   الخلافة من ضروريات المجتمع الإسلامي Emptyالثلاثاء مارس 16, 2010 10:01 pm

الخلافة، وما أدراك ما الخلافة! فهي التي جعلها الله فتنة الأمة وهي التي قسمتها وأطمعت فيها الطّامعين، وهي التي أهرقت في سبيلها الدّماء البريئة وهي التي كفر من أجلها مسلمون فأغرتهم وأبعدتهم عن الصراط المستقيم وأدخلتهم نار الجحيم ولا بدّ لنا من دراسة تكون على اختصارها محيطة بالخفايا والملابسات التي كانت الخلافة مسرحاً لها قبيل وبعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله).

وأوّل ما يتبادر للأذهان أنّ الزعامة عند العرب كانت من الأمور الضرورية في كلّ العصور فتراهم يقدّمون رئيس القبيلة أو زعيم العشيرة على أنفسهم فلا يبرمون أمراً دونه ولا يتخذون قراراً إلاّ بمشورته ولا يسبقونه بالقول.

فزعيم العشيرة هذا عادة ما يكون أكبرهم سنّاً وأعلمهم بالأمور وأشرفهم حسباً ونسباً.

ويبدوا أنّ هذا الرئيس يبرز من خلال الأحداث في عشيرته ومما يظهر عليه من ذكاء وفطنة وشجاعة وعلم بالأمور وسخاء وإكرام الضيف وغير ذلك من الخصال الحميدة، ولكن في أغلب الأحيان هي وراثة وليست اختيار.

ونجد بعد ذلك أن القبائل والعشائر رغم استقلاليتها فهي تخضع لزعامة القبيلة الواحدة التي قد تكون أكثر عدداً ومالاً ولها أبطال يخوضون المعارك ويحملون بقية القبائل تحت رعايتها ومثال ذلك قريش التي كانت تتزعم بقية القبائل العربية الخاضعة لها بحكم الزّعامة والسيّادة التي فرضتها رعايتها لبيت الله الحرام.

ولمّا جاء الإسلام أقرّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى حدّ ما هذا الأسلوب في التعامل فكان يولّي على القبائل التي وفدت عليه وأقرّت بالإسلام سيّدهم وشريفهم ليكون والياً عليها فيصلّي بهم ويجمع زكاتهم ويكون همزة الوصل بينهم وبينه.

ثم إن محمداً (صلى الله عليه وآله) أنشأ بأمر الله سبحانه الدولة الإسلامية التي تخضع في كل أحكامها وقراراتها إلى ما ينزل به الوحي من الله، فكان نظام المجتمع ونظام الفرد من عقود نكاح وطلاق وبيع وشراء وأخذ وعطاء وإرث وزكاة وكل ما يخص الفرد والمجتمع في الحرب والسلم من معاملات وعبادات كلها خاضعة إلى أحكام الله، ومهمّة الرّسول (صلى الله عليه وآله) هي التنفيذ والسّهر على تطبيق تلك الأحكام.

ومن الطبيعي أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يفكّر فيمن سيخلفه في هذه المهمّة العظمى ألا وهي قيادة الأمّة.

ومن الطبيعي أنّ يهتمّ كلّ رئيس دولة (إن كان يهمّه شعبه) بالشخص الذي يختاره ليكون نائبه في كل المهمّات التي يكون هو غائبٌ عنها فيكون وزيره الأول والمقرّب الذي يحضر إذا يغيبون ومن الطبيعي أيضاً أن يكون نائبه معلوماً لدى كل الوزراء وعند الشعب أيضاً.

فلا يمكن أن يصدّق العقل بأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أغفل كل ذلك ولم يهتمّ به ولا شك بأنّه كان شغله الشاغل، ولا شك بأن الأحاديث المتعلّقه بالموضوع خضعت للحصار الذي ضربه الخلفاء الذين كانوا يتزعّمون نظريّة الشورى والذين عملوا بكل جهودهم لمعارضة النّصوص التي عيّنت وشخّصت الخليفة وكان من هذه الجهود أيضاً الطعن بقداسة الرسول (صلى الله عليه وآله) واتهامه بالهجر، ثم الطعن فيه وفي الأمير الذي ولاّه قيادة الجيش بدعوى أنّه لا يصلح للإمارة والقيادة لصغر سنّة، ثم التّشكيك في وفاة الرّسول (صلى الله عليه وآله) حتى تضطرب الأمور، ولا يسبق النّاس عامّة لبيعة الخليفة الذي عيّنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قبل، ومن تلك الجهود، اغتنامهم فرصة اشتغال علي وأنصاره بتجهيز النّبي (صلى الله عليه وآله)، وعقد مؤتمر السّقيفة الطارئ، واختيار من يرضونه وترتاح نفوسهم إليه وتعقد آمالهم عليه، ثمّ حمل النّاس عامّة على البيعة بالتّهديد والتنّديد والوعد والوعيد، ثم إقصاء المعارضة كلّياً عن السّاحة السياسيّة، ثم الوقوف بحزم وصرامة ضدّ كلّ من تحدّثه نفسه بشقّ عصا الطّاعة أو شكّك في شرعية الخلافة الجديدة، ولو كانت فاطمة بنت النّبيّ (صلى الله عليه وآله).

ثم ضرب الحصار والمنع الباتّ على الأحاديث النّبوية الشريفة عامّة، حتّى لا تتفشّى النّصوص بين النّاس وتضطرب الأمور، ولو أدّى ذلك للاغتيال الفردي والقتال الجماعي لإخماد المعارضة بدعوى القضاء على الفتنة مرّة والردّة أخرى.

كل ذلك عرفناه من خلال ما كتبه المؤرّخون، وإن كان بعضهم يحاول تغطية الحقيقة بوضع بعض الروايات المتناقضة أو بعض التأويلات والاعتذارات التي كشفت خفاياها الأيام والأحداث والأبحاث.

وقد يكون بعضهم معذوراً، لأنه أخذ معلوماته من المصادر الأولى التي كتبت تحت التأثير السيّاسي والاجتماعي الذي خلّفته الفتنة الكبرى وما أعقبها من أحداث عندما استولى بنو أميّة على الخلافة وأغدقوا الأموال والمناصب على بعض الصّحابة والتابعين المأجورين.

فأخذ بعض المؤرّخين من هؤلاء لحسن ظنّه بهم، وهو لا يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور، فاختلطت الرّوايات الصحيحة بالرّوايات المكذوبة، وأصبح من العسير على الباحث الوصول إلى الحقيقة.

ولتقريب القارئ الباحث من هذه الحقيقة، لابدّ من إثارة وطرح هذه الأسلة حتّى يكتشف من خلالها أو من خلال الإجابة عليها بعض الحقائق أو بعض الإشارات التي توصله إلى الحقيقة.

أسئلة وأجوبة لا غنى عنها لكلّ باحثٍ

وردت عليّ رسائل عديدة من أقطار كثيرة تحمل في طيّها بعض التساؤلات المهمّة والتي تنبئ عن حرص القرّاء الكرام لمزيد البحث والتنقيب عن الحقائق، وقد أجبت على البعض منها وأعرضت عن البعض الآخر غير مستخف بها ولكن لأنّ الجواب عليها موجود في كتابي «ثم اهتديت» و«لأكون مع الصادقين»، وتعميماً للفائدة فأنا أنشرها في هذا الفصل مع الأجوبة ومع الملاحظة بأنّ القارئ سيجد بعض الأحاديث والأحداث مكرّرة في الكتاب الواحد أو في الكتب الثلاثة، فقد تعمدت ذلك اقتداءاً بكتاب الله العزيز الذي يكرر الحادثة في عدة سور لترسخ في ذهن المؤمن ولتكون في متناول الجميع.


س1: إذا كان الرسول يعلم ما سيؤول إليه أمر الأمة من النزاع والاختلاف بسبب الخلافة، فلماذا لم يعيّن خليفة له؟

ج: لقد عيّن (صلى الله عليه وآله) خليفة له بعد حجة الوداع وهو علي بن أبي طالب وأشهد على ذلك صحابته الذين حجّوا معه، وكان يعلم بأنّ الأمة ستغدر به وتنقلب على أعقابها.


س2: كيف لم يسال الرسول أحدّ من أصحابه عن هذا الأمر وقد كانوا يسألونه عن كل شيء؟

ج: لقد سألوه وأجاب: قال تعالى: «يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر لّه لله» [سورة آل عمران: الآية 154]. وسألوه وقال: «إنما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون» [سورة المائدة: الآية 56]. وسألوه فقال: «إن هذا أخي ووصيّي وخليفتي من بعدي» (1).


س3: لماذا عارض بعض الصّحابة رسول الله حين أراد أن يكتب لهم كتاباً يعصمهم من الضلالة بعده، وقالوا بأنّه يهجر؟

ج: لقد عارض بعض الصحابة النّبي (صلى الله عليه وآله) حين أراد أن يكتب لهم ما يمنعهم من الضلالة واتهموه بالهجر، لمّا عرفوا بأنّه يريد تعيين علي بن أبي طالب كتابيّاً ، لأنّه سبقَ أن قال لهم في حجّة الوداع بأنّ المتمسّك بالكتاب والعترة لن يضلّ بعده أبداً، ففهموا بأنّ مضمون الكتاب سيكون بنفس الألفاظ، لأن علياً هو سيد العترة وإنّما اتهموه بالهجر ليعدل عن الكتابة نهائياً ولأنّ النزاع والخلاف قام حول الكتاب قبل كتابته، وإذا كان النبيّ يهجر (حسب اعتقادهم) فإنّ كتابه سيكون هذياناً فالحكمة تقتضي عدم الكتابة.


س4: لماذا لم يصرّ على كتابة الكتاب خصوصاً وأنّه يعصم الأمّة الإسلامية من الضّلالة؟

ج: لم يكن في وسع الرّسول (صلى الله عليه وآله) أن يصرّ على الكتابة، لان العصمة من الضلالة قد انتفت لموافقة الكثير من الصّحابة على أنّه يهجر، فأصبح الكتاب هو مصدر ضلالة بدلاً أن يكون عاصماً منها، ولو أصرّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) على كتابته لقامت عبده دعاوى باطلة قد تشكّك حتّى في كتاب الله ونصوص القرآن.


س5: لقد أوصى النّبي قبل موته بثلاث وصايا شفويّة فلماذا وصلت إلينا وصيّتان وضاعت الوصية الثالثة؟

ج: الأمر واضح في أنّ الوصيّة الأولى هي التي ضاعت لأنها تخصّ استخلاف علي ـ ولان الخلافة التي قامت منعت الحديث عنها، وإلاّ كيف يصدّق عاقل أن يوصي النّبي فتنسى وصيّته كما ذكره البخاري.


س6: هل كان النّبي (صلى الله عليه وآله) يعلم بموعد موته؟

ج: لا شكّ بأنّه كان يعلم مسبّقاً بموعد وفاته في الوقت المعلوم وقد علم بذلك قبل خروجه لحجّة الوداع. ومن أجل ذلك سمّاها حجة الوداع وبذلك علم أكثر الصّحابة دنوّ اجله.


س7: لماذا جهز النبي جيشاً عبّا فيه وجوه المهاجرين والأنصار من كبار الصّحابة وأمرهم بالمسير إلى مؤتة بفلسطين قبل وفاته بيومين؟

ج: عندما علم النّبي (صلى الله عليه وآله) بالمؤامرة التي دبّرتها قريش وأنهم تعاقدوا على نبذ العهد بعده وإبعاد الإمام علي (عليه السلام) عن الخلافة، عمد إلى تعبئة هؤلاء ليبعدهم عن المدينة وقت وفاته فلا يرجعون إلاّ وقد استتب الأمر لخليفته، فلا يقدرون بعدها على تنفيذ مخطّطهم وليس هناك تفسيراً مقبولاً غير هذا لسريّة أسامة، لأنّه ليس من الحكمة أن يخلي النّبي (صلى الله عليه وآله) عاصمة الخلافة من الجيش والقوّة قبل وفاته بيومين فقط.


س8: لماذا لم يعيّن النّبي (صلى الله عليه وآله) علياً في جيش أسامة؟

ج: لأنّه لا ينبغي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يذهب إلا ويترك خليفة ليدبّر الأمور بعده، وبما أنّه لم يعبئ عليّاً ضمن ذلك الجيش الذي عبّأ فيه وجوه المهاجرين والأنصار بما فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف، فدلّ هذا التصرّف الحكيم بأنّ عليّاً هو الخليفة بعد النّبي (صلى الله عليه وآله) مباشرة، ولأنّ الذين لم يعبوهم رسول الله في الجيش ليس فيهم من يطمع في الخلافة ولا من يبغض عليّاً ويريد الغدر به.


س9: لماذا أمر عليهم شاباً صغيراً لا نبات بعارضيه؟

ج: لمّا كان الحاسدون والغادرون لعلي يتذرّعون بصغر سنّه وأنّ عظماء قريش الذين بلغوا السّتين لا ينقادون لعلي وعمره لم يجاوز الثلاثين إلاّ قليلاً ـ فأمّر عليهم النّبي (صلى الله عليه وآله) أسامة وعمره سبعة عشر ـ لا نبات بعارضيه وهو من الموالي ليّاً لأعناقهم وإرغاماً لأنوفهم، كي يبيّن لهم أولاً ولكل المسلمين ثانياً بأنّ المؤمن الصادق في إيمانه يجب عليه أن يسمع ويطيع ولو وجد في نفسه حرجاً ممّا قضى الرسول (صلى الله عليه وآله) ويسلّم تسليماً ـ وأين أسامة بن زيد بن حارثة من علي بن أبي طالب أمير المؤمنين

وسيد الوصيّين باب علم النّبي (صلى الله عليه وآله) وأسد الله الغالب وهارون محمّد (صلى الله عليه وآله) ولذلك تفطّنوا إلى تدبيره (صلى الله عليه وآله) في تأميره أسامة عليهم فطعنوا في إمارته ورفضوا الخروج معه والتخلّف عنه ولا ننسى أنّ فيهم الدّهاة الذين قال في حقّهم القرآن الكريم: «وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال» [سورة إبراهيم: الآية 46].


س10: لماذا اشتدّ غضب النبي (صلى الله عليه وآله) على المتخلّفين منهم حتّى لعنهم؟

ج: لقد اشتدّ غضبه (صلى الله عليه وآله) عليهم لمّا علم أنّهم طعنوا في تأميره، فالطّعن موجّه إليه لا إلى أسامة وتحقق بذلك عنده عدم إيمانهم وإخلاصهم لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) وأنّهم عازمون على تنفيذ مخطّطهم كلّفهم ذلك ما كلّفهم عند ذلك أطلق لعنته الأخيرة على المتخلّفين ليفهمهم وأتباعهم والمسلمين كافة بأنّ الأمر قد بلغ منتهاه ليهلك من هلك عن بيّنة.


س11: هل يجوز لعن المسلم خصوصاً من النّبي (صلى الله عليه وآله)؟

ج: إذا كان الإسلام هو التلفّظ بالشهادتين بأن يقول الإنسان اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمّداً رسول الله ثم لا يمتثل إلى أوامرهما ولا يسمع ولا يطيع لله وللرّسول (صلى الله عليه وآله) فيجوز لعنه، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة نذكر منها قوله تعالى: «إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيّناه للنّاس في الكتاب، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاّعنون» [سورة البقرة: الآية 159].

وإذا كان الله يلعن من كتم الحقّ فما بالك بمن عاند الحق وعمل على إبطاله.


س12: هل عيّن الرسول (صلى الله عليه وآله) أبا بكر ليصلّي بالنّاس؟

ج: من خلال الروايات المتناقضة نفهم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يعيّن أبا بكر ليصلّي بالنّاس، اللّهم إلا إذا اعتقدنا ما قاله عمر بن الخطاب في هجرانه، ومن اعتقد بذلك فقد كفر، وإلاّ كيف يصدّق عاقل بأنّه أمره ليصلّي بالنّاس في حين أنه عبّأه في جيش أسامة وجعل هذا الأخير أميراً عليه وإماماً له، وكيف يعيّنه لإمامة الصّلاة في المدينة وهي خالية منه، والتأريخ يشهد بأنّه لم يكن حاضراً في المدينة يوم وفاة النّبي (صلى الله عليه وآله). والثابت كما ذكر بعض المؤرّخين الذين روى عنهم ابن أبي الحديد، بأنّ عليّاً (عليه السّلام) اتّهم عائشة بأنها هي التي أرسلت إلى أبيها ليصلّي بالناس ولمّا علم النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك غضب وقال لها: «إنكن صواحب يوسف» وخرج إلى المسجد فأزاح أبا بكر وصلّى بهم صلاة المضطرّين لئلا يترك لهم حجّة بعد ذلك.


س13: لماذا اقسم عمر بن الخطاب بأن رسول الله لم يمت، وتهدّد كلّ من يقوم بموته بالقتل، ولم يهدأ إلا بوصول أبي بكر؟

ج: لقد هدّد عمر بالقتل كلّ من حاول أن يقول بموت النّبي (صلى الله عليه وآله) ليشكّكهم ويتركهم في حيص بيص حتى لا تتمّ بيعة لعلي، وحتى يصل إلى المدينة أبطال المعارضة الذين عاقدوا على الأخذ بزمام الأمور والذين لم يصلُوا بعد فوجد نفسه قد سبقهم فلعب دور المصاب بالذّهول وسلّ سيفه فخوف النّاس، ولا شكّ بأنّه منع النّاس الدخول إلى الحجرة النبوية ليتثبّتوا الأمر، وإلا لماذا لم يجرؤا أحدٌ على الدخول إلاّ أبو بكر عندما وصل دخل وكشف عن وجهه وخرج ليقول لهم «من كان يعبد محمّداً فإنّ محمّداً قد مات ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت».

ولا بد لنا هنا من تعليقة صغيرة على هذا القول. فهل كان أبو بكر يعتقد بأنّ في المسلمين من يعبد محمّداً؟ كلاّ وإنما هو تعبير مجازي على شتم وانتقاص بني هاشم عامّة وعلي بن أبي طالب خاصّة الذين كانوا يفخرون على سائر العرب بأن محمّداً رسول الله منهم وهم أهله وعشيرته وأحقّ الناس به.

وهو أيضاً تعبير عمّا أفصح به عمر بن الخطاب يوم رزية الخميس عندما قال: «حسبنا كتاب الله يكفينا» ولسان حاله يقول: لا حاجة لنا بمحمّد فقد انتهى أمره وولّى عهده، وهذا بالضّبط ما أكّده أبو بكر بقوله: من كان يعبدُ محمّداً فإنّه قد مات، ويعني بذلك يا من تفتخروا علينا بمحمّد تأخّروا اليوم فإنّه انتهى أمره وحسبنا كتاب الله فإنه حي لا يموت. ومن الملاحظة أنّ علياً وبني هاشم كانوا يعرفون أكثر من غيرهم حقيقة النّبي (صلى الله عليه وآله) وكانوا يبالغون في احترامه وتقديسه وتنفيذ أوامره، وأتّبعهم على ذلك الموالي من الصّحابة والذي كانوا غرباء عن قريش وكانوا إذا بصق رسول الله بصقة تسارعوا إليها ليمسحوا بها وجوههم ويتخاصمون على فضل وضوئه أو على شعره، ولك هؤلاء المساكين والمستضعفين كانوا شيعة لعلي من زمن النّبي (صلى الله عليه وآله) وهو الذي سمّاهم بهذا الاسم (2).

أما عمر بن الخطاب وبعض الصّحابة من سراة قريش فكانوا كثيراً ما يعارضوا أحكام النّبي (صلى الله عليه وآله) ويناقشوه ويعصوه، بل وينزّهون أنفسهم عن أفعاله (3). وقد قطع عمر بن الخطّاب شجرة بيعة الرضوان لأنّ بعض الصّحابة كانوا يتبرّكون بها ـ كما فعل الوهابيون في هذا القرن فإنّهم محوا آثار النبي (صلى الله عليه وآله) من الوجود، وحتّى البيت الذي ولد فيه لم يتركوه، وهم يحاولون الآن بكل جهودهم وأموالهم أن يمنعوا المسلمين من الاحتفال بذكرى مولده الشريف. ومن التبرّك به وبالصّلاة عليه حتّى أفشوا لدى المغفّلين بأنّ الصّلاة الكاملة هي شركٌ.


س14: لماذا اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة سرّاً؟

ج: لمّا علم الأنصار بالمؤامرة التي دبّرتها قريش لإبعاد علي عن الخلافة، اجتمعوا عند وفاة الرّسول (صلى الله عليه وآله) وأرادوا إبرام الأمر فيما بينهم على ان يكون الخليفة منهم، فإذا كان زعماء قريش وهم المهاجرون من قرابة الرّسول وعشيرته يريدون نقض البيعة لعلي، فالأنصار أولى بالخلافة من غيرهم لاعتقادهم بأنّ الإسلام قام بحدّ سيوفهم وأنّ المهاجرين عيالٌ عليهم ولولا أنّهم فتحوا بلادهم ومنازلهم وكل ما يملكون لما كان للمهاجرين ذكر ولا فضل، ولولا وجود الخلاف بين الأوس والخزرج الذين كانوا يتنافسون على الزّعامة وكلّ منهما يريدها لقبيلته، لما وجد أبو بكر وعمر فرصة لأخذ الخلافة منهم ولاضطرّا لمتابعتهم.


س15: لماذا أسرع أبو بكر وعمر وأبو عبيدة إلى السقيفة وفاجؤوا الأنصار؟

ج: لمّا كان للمهاجرين ـ أعني زعماء قريش ـ أعين تراقب تحرّكات الأنصار وما يدور من تدبيرهم، فقد أسرع أحدهم وهو سالم مولى أبي حذيفة وأعلم أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بالاجتماع السرّي فأسرعوا إلى السّقيفة ليفسدوا على الأنصار تخطيطهم وما أبرموه وليفاجئوهم بأنّهم على علم بكلّ ما يحدث في غيابهم.


س16: لماذا كان عمر بن الخطّاب طوال الطريق يهيئ مقالة لإقناع الأنصار؟

ج: لا شكّ بأنّ عمر بن الخطاب كان يخشى ردّة فعل الأنصار، كما يخشى أن لا يوافق الأنصار على إبعاد علي بن أبي طالب، فيسبب ذلك هدم كلّ ما خطّطوه ودبّروه وتذهب جهودهم أدراج الرّياح بعدما تجرّؤوا على النّبي نفسه وأفسدوا كلّ تدبيره من أجل الخلافة ولذلك كان عمر بن الخطاب في طريقه للسّقيفة يزوّر ماذا سيقوله لهم حتى يكسب تأييدهم وموافقتهم على المخطّط.


ص17: لماذا انتصر المهاجرون على الأنصار وسلّموا الأمر لأبي بكر؟

ج: هناك عدة عوامل لعبت دورها في هزيمة الأنصار وفوز المهاجرين فقد كان الأنصار قبيلتين متنافستين على الزّعامة منذ عهد الجاهلية وسكنت فورتهم بوجود الرّسول (صلى الله عليه وآله) بينهم، أمّا والرسول صلّى الله عله وآله وسلّم قد مات وقومه يريدون اغتصاب الخلافة من صاحبها الشرعي، فثار الأوس يرشحّون لها زعيمهم سعد بن عبادة، ولكن بشير بن سعد وهو زعيم الخزرج حسد ابن عمّه وأيقن أنّه لا يصل إلى الخلافة وسعد بن عبادة موجود، فنقض أمر الأنصار وأنضمّ إلى صف المهاجرين ومثّل دور النّاصح الأمين.

كما أن أبا بكر أثار فيهم النّعرة الجاهلية وضرب على الوتر الحسّاس بقوله: لو سلّمنا هذا الأمر للأوس فلن ترض الخزرج، وإذا سلمناه للخزرج فلن ترض الأوس ـ ثم إنّه أطمعهم بان يقاسمهم الحكومة بقوله: نحن الأمراء وأنتم والوزراء ولا نستبد عليكم بالرأي أبداً.

ثم أنّه بذكاء لعب دور النّاصح الأمين للأمّة إذ أخرج نفسه وأظهر زهده في الخلافة وأنّه لا يرغب فيها بقوله: اختاروا من شئتم من هذين الرجلين يعني عمر بن الخطاب أو أبا عبيدة عامر بن الجرّاح.

وكانت الخطّة محكمة والمسرحية ناجحة، فقال عمر وأبو عبيدة: لا ينبغي لنا أن نتقدّم عليك وأنت أوّلنا إسلاماً وأنت صاحبه في الغار فابسط يدك نبايعك، فبسط أبو بكر يده لهذه الكلمات، فسبق إلى بيعته بشير بن سعد سيد الخزرج وتتابع الباقون إلا سعد بن عبادة.


س18: لماذا امتنع سعد بن عبادة عن البيعة وهدّده عمر بالقتل؟

ج: عندما بايع الأنصار وتسابقوا إلى أبي بكر لينالوا بذلك الجاه والقُربى من الخليفة، امتنع سعد بن عبادة عن البيعة وحاول جهده منع قومه عنها ولكنّه عجز عن ذلك لشدّة مرضه إذ كان طريح الفراش ولا يسمع صوته، عند ذلك قال عمر: اقتلوه إنّه صاحب فتنة ليقلع بذلك دابر الخلاف ولئلاّ يتخلّف عن البيعة أحد، لأنّه سيشق عصا المسلمين ويتسبّب في انقسام الأمّة وخلق الفتنة.


س19: لماذا هدّدوا بيت فاطمة الزهراء بالحرق؟

ج: لقد تخلّف عدد كبير من الصّحابة الذين لم يبايعوا أبا بكر في بيت علي بن أبي طالب، ولو لم يسارع عمر بن الخطاب وطوّق الدّار بالحطب وهدّدهم بالحرق، لاستفحل الأمر وانشقّت الأمّة إلى حزبين علوي وبكري، ولكنّ عمر ومن أجل فرض الأمر الواقع ذهب شوطاً بعيداً عندما قال: لتخرجنّ للبيعة أو لأحرِّقن الدّار بمن فيها، ويقصد عليّاً وفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله).

وبهذا القول لا يبقى في النّاس أحد تسوّل له نفسه شقّ عصا الطاعة وعدم الدخول في البيعة، فأي حرمة له أكبر من حرمة سيدة نساء العالمين وزوجها سيّد الوصيّين؟


س20: لماذا سكت أبو سفيان بعدما هدّدهم وتوعّدهم؟

ج: لمّا رجع أبو سفيان للمدينة بعد وفاة النّبي صلّى الله عليه آله وسلّم وكان أرسله لجمع الصّدقات، فوجئ بخلافة أبي بكر وأسرع إلى دار علي بن أبي طالب وحرّضه على الثورة وعلى حرب الجماعة واعداً إيّاه بالمال والرّجال، ولكنّ علياً طرده لعلمه بنواياه ولمّا علم أبو بكر وعمر بذلك ذهبا إليه واستمالاه ووعداه بإعطائه كل ما جمعه من الصدقات وبإشراكه في الأمر بتعيين ابنه والياً على الشام ـ فرضي أبو سفيان بذلك وسكت عنهم. فعيّنوا يزيد بن أبي سفيان والياً على الشام ولمّا مات عيّنوا أخاه معاوية بن أبي سفيان مكانه ومكّنوه من الوصول إلى الخلافة.


س21: هل رضي الإمام علي بالأمر الواقع وبايع الجماعة؟

ج: لا أبداً لم يرض الإمام علي بالأمر الواقع ولم يسكت، بل احتجّ عليهم بكل شيء ولم يقبل أن يبايعهم رغم التهديد والوعيد، وذكر ابن قتيبة في تاريخه بأنّ عليّاً قال لهم: والله لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، وحمل زوجته فاطمة الزهراء يطوف بها على مجالس الأنصار فكانوا يعتذرون بأنّ أبا بكر سبق إليهم ـ وقد ذكر البخاري بأنه لم يبايع مدة حياة فاطمة، فلما توفّيت واستنكر وجوه النّاس اضطرّ لمصالحة أبي بكر، وقد عاشت فاطمة ستّة أشهر بعد أبيها، فهل ماتت فاطمة وليس في عنقها بيعة وأبوها رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من مات وليست في عنقه بيعة مات ميتة جاهليّة. وهل كان علي يعلم بأنّه سيعيش إلى ما بعد أبي بكر فيتأخر عن بيعته تلك الشهور الستّة؟ فعليٌّ لم يسكت وبقي طيلة حياته كلّما وجد فرصة إلا وأثار مظلمته واغتصاب حقّه ويكفي دليلاً على ذلك ما قاله في خطبته المعروفة بالشقشقيّة.


س22: لماذا أثاروا فاطمة وأغضبوها بينما هم في حاجة إلى المصالحة؟

ج: لقد تعمّدوا إثارة فاطمة بانتزاع أرضها وممتلكاتها ومنعها ميراث أبيها وتكذيبها في كلّ دعواها حتّى يسقطوا بذلك هيبتها وعظمتها من نفوس النّاس وحتّى لا يصدّقوها. إذا ما أثارت نصوص الخلافة، ولذلك اعتذر الأنصار إليها بأنّ بيعتهم سبقت لأبي بكر ولو سبق إليهم زوجها لما تخلّفوا عنه.

ولذلك اشتدّ غضبها على أبي بكر وعمر حتّى صارت تدعو عليهما في كلّ صلاة تصلّيها، وأوصت زوجها بأن لا يحضر جنازتها أحدٌ منهما وأن يجنّبها تلك الوجوه التي تكرهها.

وقد تعمّدوا إيذاءها ليشعروا عليّاً بأنه أهون عليهم من ابنة النّبي التي هي سيدة نساء العالمين والتي يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها، فما عليه إلا السّكوت الرّضا.


س23: لماذا تخلّف عن سريّة أسامة عظماء القوم؟

ج: لمّا استتبّ الأمر لأبي بكر وأصبح خليفة المسلمين بجهود عمر رغم أنوف المعارضين، طلب من أسامة أن يترك له عمر بن الخطّاب ليستعين به على أمر الخلافة، لأنّه لا يقدر على إتمام المخطّط بمفرده ولا بدّ له من العناصر الفعّالة الذين لهم من القوّة والجرأة ما عارضوا بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يبالوا بغضب الله ولا بلعن النبيّ (صلى الله عليه وآله) لمن تخلّف عن بعث أسامة ممّن عبأهم بنفسه، ولا شك بأنّ المخطّطين لهذا الأمر تخلّفوا عن السّرية ليبرموا أمرهم ويتعاونوا على تركيز قواعدهم.


س24: لماذا أبعد الإمام علي عن كلّ مسؤولية ولم يشركوه في شيء؟

ج: بالرّغم من أنّهم قرّبوا عدداً كبيراً من الطلقاء وأعطوهم المناصب في حكومتهم وأشركوهم في أمرهم، وعيّنوا منهم أمراء وولاة في كل الجزيرة العربية وفي كلّ الأقطار الإسلاميّة ومن هؤلاء الوليد بن عقبة ومروان بن الحكم ومعاوية ويزيد ابنا أبي سفيان وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وأبو هريرة وكثيرون من الذين كانوا يجرّعون رسول الله (صلى الله عليه وآله) الغصص إلا أنهم أبعدوا علي بن أبي طالب فنبذوه وتركوه حبيس داره ولم يشركوه في شيء من أمرهم طيلة ربع قرن ليذلّوه ويحقّروه ويبعدوا النّاس عنه لأنّ الناس عبيد الدنيا يميلون مع صاحب السّلطة والجاه والمال وما دام علي لا يجد قوت يومه إلاّ بكسب يمينه وعرق جبينه فسيتفرق النّاس عنه ولا يميلون إليه.

وفعلاً فقد بقي عليّ سلام الله عليه على تلك الحالة مدّة خلافة أبي بكر وخلافة عمر وخلافة عثمان رهين البيت يعمل الجميع على تحقيره وإطفاء نوره وإخفاء فضائله ومناقبه، ولي له من حطام الدّنيا وما يرغّب النّاس فيه.


س25: لماذا حاربوا مانعي الزّكاة رغم تحريم النبي (صلى الله عليه وآله) لذلك؟

ج: لأن الصّحابة الذين حضروا بيعة الإمام علي في غدير خم وهم راجعون من حجّة الوداع بصحبة النّبي (صلى الله عليه وآله) امتنعوا عن أداء الزّكاة لأبي بكر، لأنّهم لم يحضروا وفاة النّبي (صلى الله عليه وآله) ولا الأحداث التي أعقبتها في شأن تبديل الخلافة من علي لأبي بكر، لأنهم لا يسكنون المدينة، ولا شك بأنّ بعض الأخبار وصلت إليهم بأنّ فاطمة تخاصمت معهم وغضبت عليهم وبأنّ عليّاً امتنع عن بيعتهم ـ لكل ذلك رفضوا إعطاء الزكاة لأبي بكر حتّى يتبيّنوا الأمر.

ومن هنا قرّر أبو بكر وعمر وجهاز الحكم أن يبعثوا إليهم جيشاً بقيادة خالد بن الوليد الذي كان سيفهم المسلول، فأخمد ثورتهم وأسكت حسّهم وقتل رجالهم وسبى نساءهم وذراريهم، ليكونوا عبرةً لمن تحدّثه نفسه بعدم الطاعة أو بمسّ هيبة الدّولة.


س26: لماذا منعوا تدوين ونقل الأحاديث النّبوية؟

ج: عملوا من الأيام الأولى على منع الأحاديث النّبويّة جملة وتفصيلاً، ليس فقط لأنها تتضمّن نصوص الخلافة وفضائل الإمام علي بل لأن الكثير منها يتعارض مع أقوالهم وأفعالهم الّتي يديرون بها شؤون الحياة ويركّزون على أسُسها معالم الدوّلة الجديدة التي ابتدعوها وفق اجتهاداتهم.


س27: هل كان أبو بكر قادراً على تحمّل أعباء الخلافة؟

ج: لم يكن أبو بكر قادراً على تحمّل أعباء الخلافة لولا عمر بن الخطاب وبعض الدّهاة من رؤوس بني أميّة ـ ولقد سجّل التاريخ بأنّ أبي بكر كان دائماً يخضع إلى أحكام وآراء عمر بن الخطاب الحاكم الفعلي ودليل ذلك قصة المؤلَّفة قلوبهم الذين جاؤوا لأبي بكر في بداية خلافته وكتب لهم كتاباً وبعثهم إلى عمر الذي كان بيده أمر بيت المال فمزّق عمر الكتاب وطردهم، فرجعوا إلى أبي بكر يسألونه: أأنت الخليفة أم هو؟ فأجابهم: هو إن شاء الله!

وكذلك عندما أقطع أبو بكر قطعة أرض إلى عيينة بن حصن والأقرع بن حابس، فرفض عمر عندما قرأ كتاب أبي بكر وتفل فيه ومحاه، فرجعا إلى أبي بكر يتذمّران ممّا فعله عمر وقالا لأبي بكر: والله ما ندري أأنت الخليفة أم عمر؟ فقال: بل عمر هو الخليفة، ولمّا أقبل عمر مغضباً وناقش أبا بكر على إعطائه الأرض بكلام غليظ، قال له أبو بكر: ألم أقل لك إنّك أقوى منّي على هذا الأمر لكنّك غلبتني (4).

وقد أخرج البخاري في صحيحه بأنّ عمر كان يحثّ النّاس على بيعة أبي بكر فيقول لهم: إنّ أبا بكر صاحب رسول الله ثاني اثنين وإنه أولى المسلمين بأموركم فقوموا فبايعوه قال أنس بن مالك: سمعت عمر يقول لأبي بكر يومئذ: أصعد المنبر، فلم يزل به حتّى صعد المنبر فبايعه النّاس عامّة.


س28: لماذا عقد أبو بكر الخلافة وعهد بها إلى عمر قبل وفاته؟

ج: بما أنّ عمر بن الخطاب هو الذي لعب الدور البطولي في إقصاء علي عن الخلافة بمعارضته العنيفة للنّبي (صلى الله عليه وآله) أوّلاً وبحمل الأنصار على بيعة أبي بكر وفرضها على النّاس بكل حزم وشدّة حتّى وصل به الأمر إلى تهديد بيت فاطمة بالحرق.

وبما أنه كان هو الخليفة الفعلي كما قدّمنا فكانت له الكلمة الأولى والأخيرة ولا شكّ بأنّه كان من دُهاة العرب فعلم بأنّ المسلمين وخصوصاً الأنصار لا يوافقون على بيعته لطبعه الفظ الغليظ وسرعة غضبه، فعمل على تقديم أبي بكر لهم لأنّ في طبعه ليناً ورقة وهو أسبقهم للإسلام وابنته عائشة هي المرأة الجريئة القادرة على ركوب الصّعاب وتغيير الأمور، وهو يعلّم علم اليقين بانّ أبا بكر طوع يديه ورهن إشارته في كل ما يصبوا إليه.

ولم يكن عهد أبي بكر بالخلافة لعمر يخفى على كثير من الصّحابة من قبل كتابته، فقد قال له الإمام علي منذ اليوم الأول: أحلب حلباً لك شطره، واشدد له اليوم ليردّه عليك غداً، كما قال آخر لعمر عندما خرج بالكتاب الذي عهد فيه أبو بكر قال له: أنا أعرف ما فيه إنّك أمّرته عام أول وأمّرك هذا العام.

فعهد أبي بكر لعمر بالخلافة أمرٌ معلوم لدى عامّة النّاس، وإذا كان في حياته يعترف له أمام الجميع بأنّه أقوى منه على هذا الأمر فلا غرابة أن يسلّم له مقاليد الخلافة عند الموت.

وبهذا يتبين لنا مرّة أخرى بأنّ ما يقوله أهل السنّة بأنّ الخلافة لا تكون إلا بالشورى أمرٌ ليس له وجود، ولي له في خيال أبي بكر وعمر أي اعتبار، وإذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) توفّي وترك الأمر شورى بين النّاس كما يزعمون، فإنّ أبا بكر هو أوّل من هدّم هذا المبدأ، وخالف سنّة النّبي (صلى الله عليه وآله) بعهده لعمر بن الخطاب من بعده.

وأهل السنّة دائماً تراهم يتبجّحون بكل فخر واعتزاز على أنهم يؤمنون بالشّورى ولا تصلح الخلافة إلا بها، ويسخرون من قول الشيعة الذين يعتقدون بأنها لا تكون إلا بالنّص من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)، وتسمع أغلبهم ينتقد هذا الاعتقاد على انّه دخيل على الإسلام من قبل الفرس الذين يقولون بوراثة السّلطة الإلهية.

وكثيراً ما يستدلّ أهل السنّة بآية «وأمرهم شورى بينهم» على أنّها نازلة بخصوص الخلافة ـ وعلى هذا فيحقّ لنا بان نقول: إنّ أبا بكر وعمر خالفا الكتاب والسنّة معاً ولم يقيما لهما وزناً في شأن الخلافة.


س29: لماذا اشترط عبد الرحمن بن عوف على علي بن أبي طالب أن يحكم بسنّة الخليفتين؟

ج: من هوان الدنيا على الله أن يصبح عبد الرحمن بن عوف هو الذين يتحكّم بمصير الأمّة بعد عمر فيختار لهم من يشاء ويقصي من يشاء كل ذلك من تدبير عمر الذي رجّح كفّته على بقيّة الصّحابة، وعبد الرحمن بن عوف هو الآخر من دهاة العرب، ولا شكّ بأنّه من أعضاء الحزب المخطط للخلافة وصرفها عن صاحبها الشرعي وإذا كان البخاري يعترف بأن عبد الرحمن بن عوف كان يخشى من عليّ شيئاً (5)، فمن الطبيعي أن يعمل هو الآخر على إبعاده عنها ما استطاع لذلك سبيلاً. وعبد الرحمن بن عوف يعرف كغيره من الصّحابة بانّ عليّاً لم يكن يوافق على اجتهادات أبي بكر وعمر وما غيّراه من أحكام الكتاب والسنّة، وكان يحاول جهده معارضتهما والإنكار عليهما.

لذلك اشترط عبد الرحمن على علي أن يحكم بسنّة أبي بكر وعمر وهو يعلم مسبقاً أكثر من غيره بأنّ علياً لا يداهن ولا يكذب ولا يقبل بذلك الشرط أبداً. كما كان يعلم بأنّ صهره عثمان هو الذي ترتاح إليه قريش وكل أعضاء المخطّط.


س30: حديث الأئمة الأثني عشر، هل له وجود عن أهل السنة؟

ج: أخرج البخاري ومسلم وكل المحدّثين من أهل السنّة حديث النّبي (صلى الله عليه وآله) «لا يزال الدين قائماً حتى تقوم السّاعة أو يكون عليكم أثنا عشر خليفة كلّهم من قريش» (6) وبقي هذا الحديث من الألغاز العويصة التي لا جواب لها عند أهل السنة والجماعة ولم يجرؤ أحد من علمائهم أن يعدّ بعد الخلفاء الراشدين الأربعة سوى عمر بن عبد العزيز وهؤلاء خمسة ويبقي من العدد سبعة لا وجود لهم.

فإما أن يقولوا بإمامة علي وبنيه الذين تقول بهم الإمامية ويصبحوا شيعة لأهل البيت النّبوي ـ وإما أن يكذّبوا الحديث وتصبح صحاحهم مجرّدة من الحق وليس فيها إلا الأكاذيب.

أضف إلى ذلك بأنّ هذا الحديث الذي يخصّص الخلافة في قريش وحدها يتنافى مع مبدأ الشورى الذي يقولون به، لأن الاختيار والديمقراطية تشمل كل أفراد الأمة ولا تختص بقبيلة معيّنة دون سائر القبائل الأخرى. بل يتعدى القبائل العربية إلى غيرها من القبائل الإسلامية الغير عربية.

هذه أجوبة سريعة ومختصرة لنوضّح للقارئ بعض المسائل التي قد تخامر ذهنه، على أنّه قد يجد إجابة مفصّلة في كتاب التاريخ وكذلك في كتابي «ثم اهتديت» و«لأكون مع الصادقين».

فعلى الباحث أن يرجع إلى المصادر الموثوقة، وان يتجرّد للحقيقة فيمحّص الروايات والأحداث التاريخية ليكتشف من خلالها الحقائق المكسوّة بثياب الباطل فيجرّدها وينظر إليها في ثوبها الأصلي.


الهوامش:

1- تاريخ الطبري وتاريخ ابن الأثير في باب وانذر عشيرتك الأقربين.

1- الدر المنثور في التفسير المأثور لجلال الدّين السيوطي في سورة البيّنة.

2- صحيح البخاري: 3/114 كتاب المظالم باب الاشتراك في الهدي.

4- العسقلاني في كتابه الإصابة في معرفة الصّحابة «ترجمة عيينة» وابن أبي الحديد في شرح النهج: 12/108.

5- صحيح البخاري: 8/123 باب كيف يبايع الناس الإمام من كتاب الأحكام.

6- صحيح البخاري: 8/127. صحيح مسلم: 6/3.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kalimatayeba.ahlamontada.com
 
الخلافة من ضروريات المجتمع الإسلامي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المحاضرة الاولى الجماعة الصالحة ودورها في بناء المجتمع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات العترة النبوية الطاهرة عليهم السلام :: المنتدى الاسلامي العام :: المنتدى الاسلامي :: المنتدى العقائدي-
انتقل الى: